{وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِى الأرض} فائتين ما قضى عليكم من المصائب. {وَمَا لَكُم مّن دُونِ الله مِن وَلِيّ} يحرصكم عنها. {وَلاَ نَصِيرٍ} يدفعها عنكم.{وَمِنْ ءاياته الجوار} السفن الجارية. {فِى البحر كالأعلام} كالجبال. قالت الخنساء:وَإِنَّ صَخْراً لَتَأْتَمُّ الهُدَاةُ بِه *** كَأَنَّهُ عَلَمٌ فِي رَأْسِهِ نَارٌ{إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الريح} وقرئ: {الرياح}. {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ} فيبقين ثوابت على ظهر البحر. {إِنَّ فِى ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} لكل من وكل همته وحبس نفسه على النظر في آيات الله والتفكر في آلائه، أو لكل مؤمن كامل الإِيمان فإن الإِيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر.{أَوْ يُوبِقْهُنَّ} أو يهلكهن بإرسال الريح العاصفة المغرقة، والمراد إهلاك أهلها لقوله تعالى: {بِمَا كَسَبُواْ} وأصله أو يرسلها فيوبقهن لأنه قسيم يسكن فاقتصر فيه على المقصود كما في قوله تعالى: {وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ} إذ المعنى أو يرسلها فيوبق ناساً بذنوبهم وينج ناساً على العفو منهم، وقرئ: {ويعفو} على الاستئناف.{وَيَعْلَمَ الذين يجادلون فِى ءاياتنا} عطف على علة مقدرة مثل لينتقم منهم {وَيَعْلَمَ}، أو على الجزاء ونصب نصب الواقع جواباً للأشياء الستة لأنه أيضاً غير واجب، وقرأ نافع وابن عامر بالرفع على الاسئتناف، وقرئ بالجزم عطفاً على {يعف} فيكون المعنى ويجمع بين إهلاك قوم وإنجاء قوم وتحذير آخرين. {مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ} محيد من العذاب والجملة معلق عنها الفعل.{فَمَا أُوتِيتُمْ مّن شَئ فمتاع الحياة الدنيا} تمتعون به مدة حياتكم. {وَمَا عِندَ الله} من ثواب الآخرة. {خَيْرٌ وأبقى لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} لخلوص نفعه ودوامه و{مَا} الأولى موصولة تضمنت معنى الشرط من حيث أن إيتاء ما أوتوا سبب للتمتع بها في الحياة الدنيا فجاءت الفاء في جوابها بخلاف الثانية. وعن علي رضي الله تعالى عنه: تصدق أبو بكر رضي الله تعالى عنه بماله كله فلامه جمع فنزلت.{والذين يَجْتَنِبُونَ كبائر الإثم والفواحش وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ} {والذين} بما بعده عطف على {لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ} أو مدح منصوب أو مرفوع، وبناء {يَغْفِرُونَ} على ضميرهم خبراً للدلالة على أنهم الأخصاء بالمغفرة حال الغضب، وقرأ حمزة والكسائي {كبير الإِثم}.{والذين استجابوا لِرَبّهِمْ} نزلت في الأنصار دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإِيمان فاستجابوا له. {وَأَقَامُواْ الصلاة وَأَمْرُهُمْ شورى بَيْنَهُمْ} ذو شورى بينهم لا ينفردون برأي حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه، وذلك من فرط تدبرهم وتيقظهم في الأمور، وهي مصدر كالفتيا بمعنى التشاور. {وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ} في سبيل الله الخير.{والذين إِذَا أَصَابَهُمُ البغى هُمْ يَنتَصِرُونَ} على ما جعله الله لهم كراهة التذلل، وهو وصفهم بالشجاعة بعد وصفهم بسائر أمهات الفضائل وهو لا يخالف وصفهم بالغفران، فإنه ينبئ عن عجز المغفور والانتصار عن مقاومة الخصم، والحلم عن العاجز محمود وعن المتغلب مذموم لأنه إجراء وإغراء على البغي، ثم عقب وصفهم بالانتصار للمنع عن التعدي.{وَجَزَاءُ سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا} وسمى الثانية {سَيّئَةٌ} للازدواج، أو لأنها تسوء من تنزل به. {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} بينه وبين عدوه. {فَأَجْرُهُ عَلَى الله} عدة مبهمة تدل على عظم الموعود. {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظالمين} المبتدئين بالسيئة والمتجاوزين في الانتقام.